منتدى الدكتور محمود لطفى صالح
أهلا وسهلا بك زائرا عزيزا مكرما ويشرفنا مساهماتك
الدكتور محمود لطفى صالح

Welcome your visiting dear honorable and honored your contributions
                Dr. Mahmoud Lotfi saleh
منتدى الدكتور محمود لطفى صالح
أهلا وسهلا بك زائرا عزيزا مكرما ويشرفنا مساهماتك
الدكتور محمود لطفى صالح

Welcome your visiting dear honorable and honored your contributions
                Dr. Mahmoud Lotfi saleh
منتدى الدكتور محمود لطفى صالح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور محمود لطفى صالح

أدوات المحامى القضائيةــ كورسات الثقافة القانونية
 
القرآن والسنة*الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى Resize10ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى Eu_ooy11

مكتب الاستاذ الدكتور محمود لطفى صالح  للمحاماة والاستشارات القانونية  حول العالم       01003321575 / 01279611503
مكتب الاستاذ الدكتور محمود لطفى صالح  للمحاماة والاستشارات القانونية  حول العالم       01003321575 / 01279611503
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
السنباطي رياض الجريمة
المواضيع الأخيرة
» ماحكم من بنى شقة فوق بيت أبيه من ماله ؟
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالثلاثاء 22 ديسمبر 2020 - 10:46 من طرف Admin

» ماهية الركن المادى لجريمة الاغتصاب
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالأربعاء 8 يوليو 2015 - 23:46 من طرف Admin

» الاسئلة والاجوبة التي تجوب في اذهان العاملون في الدولة حول قانون الخدمة المدنية الجديد
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالسبت 2 مايو 2015 - 22:26 من طرف Admin

» التنظيم القانوني للخلع المستحدث بالقانون رقم1لسنة2000
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالجمعة 1 مايو 2015 - 22:21 من طرف Admin

» المواعيد القانونية في القانون المدنى
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالإثنين 27 أبريل 2015 - 21:24 من طرف Admin

» المواعيد القانونية في قانون الإجراءات الجنائية
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالإثنين 27 أبريل 2015 - 21:14 من طرف Admin

» وجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالإثنين 27 أبريل 2015 - 20:33 من طرف Admin

» وجه الانحراف شقاعدة تخصيص الأهداف
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالإثنين 27 أبريل 2015 - 20:33 من طرف Admin

» وجه الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالإثنين 27 أبريل 2015 - 20:33 من طرف Admin

مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر

القوس عدد المساهمات : 124
نقاط : 337
تاريخ الميلاد : 18/12/1963
تاريخ التسجيل : 05/12/2012
العمر : 60
الموقع : mahmoudlotfisaleh.yoo7.com

ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى Empty
مُساهمةموضوع: ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى   ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى I_icon_minitimeالجمعة 23 مايو 2014 - 21:51



اتجاه محكمة النقض المصرية:
 


أرست محكمة النقض المصرية فى أغلب أحكامها قاعدة جواز دخول المنازل بقصد تعقب المتهم والقبض عليه باعتبارها حالة من حالات الضرورة التى تستند إلى نص المادة (45) إجراءات جنائية حيث أن المادة (45) من قانون الإجراءات نصت على جواز دخول المنازل فى الحالات التى تشابه حالات الضرورة المذكورة فى المادة وهى حالات الاستغاثة والحريق والغرق.
 


وقضت محكمة النقض فى أغلب أحكامها بأن: "يجوز دخول المنازل بقصد تعقب المتهم والقبض عليه باعتبار أن حالة الضرورة هى التى اقتضت تعقب مأمور الضبط القضائى للمتهم فى المكان الذى وجد به([44])".
 


بل وقد توسعت محكمة النقض وقضت بأن "الأصل أن التفتيش الذى يجرمه القانون على مأمورى الضبط القضائى إنما هو التفتيش الذى يكون فى إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المسكن أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذى يقع على ذلك الشخص لأن حالة الضرورة هى التى اقتضت تعقب رجل الضبط القضائى له فى نطاق المكان الذى وجد به([45])"
 


رأينا فى الموضوع:
 


نصت المادة (45) إجراءات جنائية على "لا يجوز لرجال السلطة الدخول فى أى محل مسكون إلا فى الأحوال المبينة فى القانون أو فى حالة طلب المساعدة من الداخل أو فى حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك" وبذلك تكون المادة سالفة الذكر قد منعت الدخول فى الأماكن المسكونة إلا فى ثلاث حالات محددة وهى:
 


الحالة الأولى:
 


وهى حالة "الأحوال المبينة فى القانون" وهذه الحالة قد اقتصرت على دخول المنازل بإذن قضائى مسبب بعد الحكم بعدم دستورية المادة (47) إجراءات والتى كانت تبيح دخول المساكن وتفتيشها فى حالة التلبس.
 


الحالة الثانية:
 


وهى حالة "طلب المساعدة من الداخل" وهنا فى هذه الحالة نرى أنها ليست من حالات الضرورة وذلك لأن طلب المساعدة من الداخل يعنى حالة من حالات الرضا بالدخول للمسكن وذلك لأن من فى المنزل عندما يستغيث فإنه يطلب من رجال السلطة الدخول وليس رجال السلطة فقط بل إنه يطلب دخول أى شخص ولو كان من العامة لمساعدته وهذا الدخول هو دخول مشروع لأن من بداخل المسكن قد سمح بالدخول بل وقد حث كل من يسمعه بالدخول لنجدته.
 


الحالة الثالثة:
 


وهى "حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك" وهنا أيضاً لا يكون الدخول لرجال السلطة العامة فقط وإنما لكل شخص من العامة وذلك لإنقاذ المنزل أو من فى المنزل وحكم هذه الحالة فيما يبدو لنا أنه عندما يكون المسكن الذى هو مستودع السر والذى أحاطه المشرع الدستورى بحرمة كاملة فى خطر فهناك أولوية لحماية هذا المسكن فإن المشرع الدستورى قد حظر دخول وتفتيش المساكن حماية لحرمة المسكن ولمستودع السر فإذا كانت هذه الحماية التى قررها المشرع الدستورى مهددة بحالة من حالات الحريق أو الغرق فإن من باب أولى الدخول لإنقاذ هذا المسكن أو لإنقاذ من بداخله وهذه الحالة تقع ضمن حالة محددة من حالات الضرورة وليست حالة ضرورة عامة وإنما لها حكم خاص فلا نستطيع قياس أى حالة أخرى من حالات الضرورة إلا بهذا المعيار الذى قصده المشرع الدستورى.
 


وعبارة "ما شابه ذلك" التى تستخدمها أحكام النقض للقياس على ما قبلها من حالات تبيح دخول المساكن هى تعود فقط على حالات الحريق والغرق أى على الحالة الثالثة فقط ولا تعود على الحالتين الأولى والثانية وذلك لأن النص بلفظه قد فصل بين الحالات فقال "فى حالة طلب المساعدة من الداخل" وهى حالة منفصلة عن ما يأتى بعدها وهى قول النص "أو فى حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك" وهى أيضاً جميعها حالة أخرى منفصلة فجملة "ما شابه ذلك" تعود فقط على حالتى الحريق والغرق لأن سبقهم كلمة أو فى حالة.
 


وبما أننا قد بينا حكم الحالات الواردة بنص المادة (45) إجراءات جنائية حسب ما يتراءى لنا فإن أحكام محكمة النقض التى نجلها بهذا الخصوص والتى تقيس حالة دخول مأمور الضبط القضائى للقبض على المتهم على الحالات الواردة بنص المادة (45) تكون من وجهة نظرنا محل نظر وذلك لأن المادة آنفة البيان لم يذكر فيها أبداً لفظ "حالة الضرورة" وإنما هذا اللفظ مأخوذ من نص المادة (61) من قانون العقوبات المؤسسة على نظرية الضرورة وقاعدة الضرورات تبيح المحظورات والتى هى مانع من موانع العقاب ولابد لنا هنا أن نعرج على نظرية الضرورة طبقاً لنص المادة (61) عقوبات وذلك لبيان أساس النظرية وشروطها ومجال إعمالها وذلك لإيضاح ما هى حالات الضرورة وهل نستطيع إهدار نص دستورى لوجود حالة من حالات الضرورة.
 


امتناع مسئولية الجانى فى حالة الضرورة نظرية قديمة فمنذ قرون طويلة كان يقال بأن الإنسان لا يعد سارقاً إذا سرق فى مجاعة رغيفاً من الخبز يدفع به عن نفسه خطر الموت جوعاً وكان البعض يعلل امتناع المسئولية هنا بنظرية العقد الاجتماعى فيقول أن من شروط هذا العقد العودة عند الحاجة الشديدة إلى نظام الملك الشائع فيصبح الجميع شركاء فى الخبز الذى يملكه أحدهم وحده وكان الفقيه جروسيوس يشترط لذلك عدم حاجة صاحب الخبز إلى ما أخذ منه وأن يرد السارق ما أخذه عند المقدرة ولم يكن الفقيه بافندروف يشترط ذلك.
 


وتتميز حالة الضرورة عن حالة الإكراه المعنوى من ناحيتين أولاهما أن حالة الضرورة بالمعنى الدقيق تنجم عن فعل الطبيعة أو عن فعل السلطة العامة وثانيتهما أن حالة الضرورة لا تسلب الشخص حريته فى الاختيار سلباً كلياً أو جزئياً بل قد تقتضى فحسب موازنة عاقلة – لها ما يبررها – بين طريقين فيقبل الإنسان على أقلهما ضرراً بدافع من إحساس طبيعى لا يصح أن يعد آثماً من الناحية الجنائية. فالإنسان الذى يعطى حقنة لمريض بحاجة إلى إسعاف عاجل – وهو غير مرخص له بإعطاء الحقن – بدلاً من انتظار حضور الطبيب الذى قد يجئ بعد فوات الأوان يختار فى الواقع بين طريقين هما: إما إنقاذ المريض ولو بمخالفة القانون الذى يمنعه من حقنه وإما الامتناع عن إنقاذه احتراماً للقانون فيختار الطريق الأول غير مسلوب الإرادة فى حقيقة الأمر بل مدفوعاً فحسب بشعور إنسانى قوى بباعث من تصرف حكيم.
 


ولابد لكى تتوافر حالة الضرورة المتمثلة فى المادة (61) عقوبات من توافر اجتماع أركان ثلاثة:
 


أولاً : حلول خطر جسيم وشيك الوقوع يتهدد نفس مرتكب الجريمة أو نفس غيره:
 


وهذا الخطر شبيه فى بعض شروطه الخطر الذى يبيح للمدافع استعمال القوة المادية فى دفعه بمقتضى حق الدفاع الشرعى وهذا الخطر فى حالة الضرورة لابد أن يكون جسيماً ولابد أن يكون الخطر يتهدد نفس الجانى أو نفس غيره وكذلك لا يلزم أن يكون الخطر ناشئاً عن جريمة فقط بل قد يكون ناشئاً عن فعل الطبيعة أو عن فعل الغير ومن أمثلة هذه الأخطار أن يتدافع رواد ملهى تلتهمه النيران فيحدث أثناء التدافع وبسببه اعتداء من قوى على ضعيف.
 


ثانياً : ألا يكون لإرادة مرتكبها دخل فى حلول هذا الخطر:
 


فإذا كان الخطر الجسيم الذى هدد نفس مرتكب الجريمة أو نفس غيره قد نجم عن فعل عمدى صادر منه فلا محل أن يتذرع بعد ذلك بحالة الضرورة. لذا قضى بأنه ليس للإنسان أن يرتكب أمراً مجرماً ثم يقارف جريمة فى سبيل النجاة مما أحدثه بيده([46]).
 


ثالثاً : أن تكون الجريمة التى ارتكبت هى الطريقة الوحيدة لدفع هذا الخطر:
 


استلزمت المادة (61) عقوبات لتوافر حالة الضرورة ألا يكون فى قدرة الجانى منع الخطر الجسيم بطريقة أخرى غير الجريمة التى ارتكبها وهذه مسألة موضوعية تتوقف على ظروف الخطر الجسيم والجريمة التى ارتكبت لدفعه فإذا تبين للقاضى أنه كان أمام الجانى سبيل آخر لدفع الخطر لا يعد جريمة كالاحتماء فى الوقت المناسب برجال السلطة العامة ولكنه آثر عليه تصرفه الإجرامى فلا محل لتطبيق المادة (61) عقوبات وبعبارة أخرى أنه كلما أمكن دفع الخطر بوسيلة مشروعة أو أقل ضرراً من تلك التى استعملها من قام بدفعه كلما انتفى الإكراه الذى يسلب الجانى اختياره.
 


فإذا أوشك قارب على الغرق لثقل حمولته وأريد تضحية بعض هذه الحمولة ينبغى أن تضحى البضائع لإنقاذ الأشخاص لا أن يضحى شخص من الأشخاص لإنقاذ البضائع([47]).
 


وبتطبيق نظرية الضرورة بشروطها الثلاث على حالة دخول المنازل للقبض نجد أن الموازنة هنا تأتى بين حلين هما أن يتم انتهاك القاعدة الدستورية ويتم دخول المنزل للقبض على المتهم أو عدم الدخول بما يستتبعه من هرب المتهم المطلوب القبض عليه أو بمعنى آخر الموازنة بين حق الدولة فى العقاب وحق الأشخاص فى حرمة مساكنهم.
 


وحالة دخول المنازل للقبض كحالة من حالات الضرورة تفقد شرطاً هاماً من شروط حالة الضرورة طبقاً لنص المادة (61) عقوبات وهو شرط "أن تكون الجريمة المرتكبة هى الطريقة الوحيدة لدفع هذا الخطر" وذلك لأن بإمكان مأمور الضبط القضائى وضع حراسة على المكان حتى يأخذ إذن بالدخول والتفتيش من النيابة العامة أو من قاضى التحقيق خصوصاً وأن فى هذه الأيام أصبحت الاتصالات تتم بسرعة رهيبة ويمكن لمأمور الضبط القضائى أخذ الإذن بالدخول والتفتيش فى غضون دقائق معدودة فنحن نرى أنه ليس هناك عذر لمأمور الضبط القضائى فى أن يتحجج بحالة الضرورة لدخول المنزل الغير مأذون له بدخوله للقبض على المتهم فى حين أنه يمكنه أخذ الإذن بسهولة وفى غضون دقائق معدودة أثناء حراسته للمكان الذى يختبئ فيه المجرم المراد القبض عليه وبالطبع تنشأ حالة الضرورة إذا كان هذا المجرم يهدد داخل المسكن أشخاصاً فبالطبع يمكن فى هذه الحالة الدخول للقبض على المتهم للحفاظ على أرواح الأشخاص الذين يهددهم ولكنه فى هذه الحالة يكون دخوله مصرحاً به بناءً على إذن الحائز له بالدخول لأنه يمكن قياس هذه الحالة على حالة الاستغاثة من الداخل طبقاً لنص المادة (45) إجراءات.
 


ودرجت أحكام محكمة النقض السالف الإشارة إليها أيضاً أن تضع فى معظم أحكامها الخاصة بدخول المنازل للقبض على المتهم عبارة "باعتبار أن حالة الضرورة هى التى اقتضت تعقب مأمور الضبط القضائى للمتهم فى المكان الذى وجد به" وهذا التعقب الذى تشير إليه تلك النصوص ليس معناه الذهاب للقبض على المتهم فليس كل دخول للمنزل بغرض القبض على المتهم يعتبر تعقباً ولكن هناك شروط حتى يصدق على الإجراء وصف التعقب فالتعقب هو حالة مستمرة متلاحقة يقوم بها مأمور الضبط القضائى والشخص الهارب فإذا تراخى مأمور الضبط القضائى عن هذه الحالة ولو إلى زمن يسير لفقد أثر المتهم الهارب مما يبيح له التعلل بالضرورة عند تعديه مثلاً اختصاصه المكانى أثناء هذا التعقب.
 


نص الدستور المصرى فى المادة (44) على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون" وبذلك وضع المشرع الدستورى قيداً مطلقاً على دخول المنازل وتفتيشها ليس له إلا استثناء وحيد هو الأمر القضائى المسبب وهذا هو الاستثناء الوحيد.
 


وإذا كان الدستور المصرى قد صدر عام 1971 فقد نسخت نصوصه النصوص الواردة فى قانون الإجراءات الجنائية والمتعارضة مع الدستور. ولا يطهر نصوص هذا القانون من عيب عدم الدستورية ما نصت عليه المادة (191) من الدستور من أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحاً ونافذاً. ذلك أنه كما قضت المحكمة الدستورية العليا: "أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة من قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. ومن ثم فإن ذلك النص لا يعنى سوى مجرد استمرار نفاذ هذه القوانين واللوائح دون تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم الدستورية شأنها فى ذلك شأن التشريعات التى تصدر فى ظل الدستور القائم. فليس معقولاً بأن تكون تلك التشريعات بمنأى عن الرقابة التى تخضع لها التشريعات التى تصدر فى ظل الدستور ونظمه وأصوله المستخدمة مع أن رقابة دستوريتها أولى وأوجب([48])".
 


ويترتب على ذلك أن يكون أى تشريع أدنى من الدستور يتعارض معه لا يعول عليه وينفذ حكم الدستور وسواء كان هذا التشريع الأدنى هو نص قانونى مثل نص المادة (45) إجراءات جنائية أو نظرية مثل نظرية الضرورة الإجرائية أو حكم من أحكام محكمة النقض وذلك لأن الدستور أولى بالإعمال من كل تلك النصوص وفى قضاء رائع لمحكمة النقض المصرية قضت أنه "إذا ما أورد الدستور نصاً صالحاً بذاته للإعمال بغير حاجة إلى سن تشريع أدنى لزم إعمال هذا النص من يوم العمل به. ويعتبر الحكم المخالف له فى هذه الحالة قد نسخ ضمنياً بقوة الدستور نفسه. وكان ما قضى به الدستور فى المادة (44) من صون حرمة المسكن وحظر دخوله أو تفتيشه "إلا بأمر قضائى مسبب" وفقاً لأحكام القانون إنما هو حكم قابل للإعمال بذاته فيما أوجب فى هذا الشأن من أمر قضائى مسبب([49])".
 


ونأسف أشد الأسف لأنه بالرغم من ذلك فقد خالفت التعليمات العامة للنيابات نصوص الدستور والقانون حين استحدثت نصاً تحت رقم المادة (359) والتى تنص على: "يجوز لمأمور الضبط القضائى دخول المنازل بقصد تعقب شخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة المختصة لأن الضرورة هى التى اقتضت تعقبه فى المكان الذى وجد به".
 


وبذلك فقد قننت التعليمات العامة للنيابات نصاً مخالفاً للدستور والقانون وأباحت ما حرمته النصوص الدستورية بالرغم من أن النيابة العامة المفروض أنها الملجأ من تعسف مأمور الضبط القضائى ولكنها قد قننت له ما حظره الدستور عليه.
 


ونرى تأسيساً على ما تقدم أنه لا مجال للاستشهاد بنص المادة (45) إجراءات جنائية فى إباحة دخول مأمور الضبط القضائى المسكن للقبض على المتهم حيث أن هذا الدخول ليس من حالات الواردة فى نص المادة آنفة البيان وكذلك أنه عند التعلل بدخول المسكن للقبض بحالة الضرورة قد بينا أن حالة الضرورة لا تنطبق على هذه الحالة أيضاً حيث أن هناك حل آخر يمكن تنفيذه بدلاً من الدخول غير المشروع وكذلك أوضحنا أنه حتى فى حالة وجود نص قانونى صريح أو حتى إذا كانت نظرية الضرورة تنطبق على هذه الحالة فإنهما لا يصح أن تتعارضا مع نص المادة (44) من الدستور الذى جاء عاماً لا قيد عليه سوى الإذن القضائى المسبب الذى هو أساس مشروعية دخول المساكن وتفتيشها لأن المشرع الدستورى أراد ألا يطلق يد مأمور الضبط القضائى وذلك لأن همه الأكبر هو كشف الجرائم والقبض على المجرمين بغض النظر عن مدى شرعية الإجراء واتفاقه مع الحريات العامة للمواطنين مما يكون له أكبر الأثر على حرية الأفراد فى الدولة والتى أراد المشرع الدستورى أن تكون هى القوة الغالبة بنصه فى الدستور على ذلك وإلزامه رجال السلطات بأن يحصلوا على الأمر القضائى وليس فقط ذلك ولكن يجب أن يكون الأمر القضائى مسبباً ليتم مراقبته من قبل محكمة الموضوع وبعد ذلك تراقبه محكمة النقض ليكون ذلك ضماناً لحرية الأفراد التى هى مبتغى المشرع الدستورى.
 


 


المبحث الثالث
 


عدم دستورية نص المادة (47) إجراءات جنائية
 


أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية نص المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية فى 2/6/1984 وذلك بمناسبة إيقاف محكمة جنايات القاهرة للجناية رقم 28 لسنة 1980 مخدرات الأزبكية وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة (47) إجراءات جنائية والتى كانت تنص على: "لمأمور الضبط القضائى فى حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الأشياء والأوراق التى تفيد فى كشف الحقيقة إذا اتضح له من إمارات قوية أنها موجودة فيه".
 


وعندما طرحت الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا طلب الحاضر عن الحكومة رفض الدعوى استناداً إلى:
 


1- أن المادة (44) من الدستور وإن نصت على عدم جواز دخول المنازل وتفتيشها إلا أنها تركت بيان ذلك إلى أحكام التشريع العادى.
 


2- إن الحرية الشخصية أسمى من حرية المساكن فإذا كانت المادة (41) من الدستور قد أجازت تفتيش الشخص دون أمر قضائى متى كانت الجريمة فى حالة تلبس فإنه من باب أولى يجوز تفتيش مسكنه.
 


وقد استندت المحكمة الدستورية فى قضائها بعدم دستورية المادة (47) إجراءات جنائية إلى الأسباب الآتية:
 


أولاً:
 


إن الدستور المصرى قد حرص فى معرض حمايته للحريات العامة على كفالة الحرية الشخصية لاتصالها بكيان الفرد منذ وجوده فأكدت المادة (41) من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعى" وعلى أنها "مصونة لا تمس" كما نصت المادة (44) من الدستور على أن "للمساكن حرمة" وأكدت المادة (45) من الدستور على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون" غير أن الدستور المصرى الصادر فى عام 1971 لم يكتف فى تقرير هذه الحماية الدستورية بإيراد ذلك فى عبارات عامة كما كانت تفعل الدساتير السابقة عليه والتى كانت تترك للمشرع العادى سلطة لا قيود عليه فى تنظيم هذه الحريات ولكنه أتى بقواعد أساسية تقرر عدة ضمانات لحماية هذه الحرية الشخصية وما يتفرع عنها من حريات وحرمات وارتفع بها إلى مصاف القواعد الدستورية وضمنها المواد من (41) إلى (45) بحيث لم يعد جائزاً للمشرع العادى أن يخالفها أو يخالف ما تضمنته من كفالة لصون تلك الحريات وإلا كان عمله مخالفاً للشرعية الدستورية.
 


ثانياً:
 


إن الدستور المصرى – توفيقاً منه بين حق الفرد فى الحرية الشخصية وفى حرمة مسكنه وحياته الخاصة من ناحية وبين حق المجتمع فى الاقتصاص من الجانى وجمع أدلة ثبوت الجريمة ونسبتها إليه من ناحية أخرى - قد أجاز تفتيش الشخص أو المسكن كإجراء من إجراءات التحقيق بعد أن أخضعه لضمانات معينة لا يجوز إهدارها أو تجاوزها. وترك للمشرع العادى أن يحدد الجرائم التى يجوز فيها التفتيش والإجراءات التى يتعين الالتزام بها عند الإذن أو القيام به. لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة (41) من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون" ثم جاءت المادة (44) من الدستور تنص على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهذا النص الأخير وإن كان قد ميز بين دخول المساكن وبين تفتيشها إلا أنه قد جمعهما فى ضمانات واحدة متى كانا يمثلان انتهاكاً لحرمة المساكن تلك الحرمة التى قدسها الدستور.
 


ثالثاً:
 


يتبين من المقابلة بين المادتين (41) و(45) من الدستور سالفتى الذكر أن المشرع الدستورى قد فرق فى الحكم بين تفتيش الأشخاص وتفتيش المساكن فيما يتعلق بضرورة أن يتم التفتيش فى الحالتين بأمر قضائى ممن له سلطة التحقيق أو من القاضى المختص كضمانة أساسية لحصول التفتيش تحت إشراف مسبق من جانب القضاء. فقد استثنت المادة (41) من الدستور من هذه الضمانة حالة التلبس بالجريمة بالنسبة للقبض على الشخص وتفتيشه فضلاً عن عدم اشتراطها تسبيب أمر القاضى المختص أو النيابة العامة بالتفتيش فى حين أن المادة (44) من الدستور لم تستثن حالة التلبس من ضرورة صدور أمر قضائى مسبب ممن له سلطة التحقيق أو من القاضى المختص بتفتيش المسكن سواء أقام به الآمر نفسه أم أذن لمأمور الضبط القضائى بإجرائه فجاء نص المادة (44) من الدستور عاماً مطلقاً لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده الأمر الذى مؤداه أن هذا النص الدستورى يستلزم فى جميع أحوال تفتيش المساكن صدور أمراً قضائياً مسبباً وذلك صوناً لحرمة المسكن النابعة من الحرية الشخصية التى تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذى يأوى إليه وهو موضع سره وسكينته.
 


ولذلك حرص الدستور فى الظروف التى صدر فيها على التأكيد على عدم انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائى مسبب دون أن يستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة التى لا تجيز وفقاً للمادة (41) من الدستور سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد يؤكد ذلك أن مشروع لجنة الحريات التى شكلها مجلس الشعب عند إعداد الدستور كان يضمن نص المادة (44) استثناء حالة التلبس من حكمها غير أن هذا الاستثناء قد أسقط فى المشروع النهائى لهذه المادة وصدر الدستور متضمناً نص المادة (44) الحالى حرصاً منه على صيانة حرمة المسكن.
 


رابعاً:
 


إن نص المادة (44) من الدستور واضح الدلالة على عدم استثناء حالة التلبس من الضمانتين اللتين أوردهما – أى صدور أمر قضائى وأن يكون مسبباً – فلا يحق القول باستثناء حالة التلبس من حكم هاتين الضمانتين قياساً على إخراجهما من ضمانة صدور الأمر القضائى فى حالة تفتيش الشخص أو القبض عليه ذلك لأن الاستثناء لا يقاس عليه كما أنه لا محل للقياس مع وجود نص دستورى واضح الدلالة لا لبس فيه ولا يغير من ذلك ما جاء بعجز المادة (44) من الدستور بعد إيرادها هاتين الضمانتين أن ذلك يكون "وفقاً لأحكام القانون" لأن هذه العبارة لا تعنى تفويض المشرع العادى فى أن يخرج حالة التلبس بالجريمة من الخضوع للضمانتين اللتين اشترطهما الدستور فى المادة (44) منه والقول بغير ذلك فيه إهدار لهاتين الضمانتين وتعليق أعمالهما على إرادة المشرع العادى وهو ما لا يفيده نص المادة (44) من الدستور وإنما تشير عبارة "وفقاً لأحكام القانون" إلى الإحالة إلى القانون العادى فى تحديد الجرائم التى يجوز فيها صدور الأمر بالتفتيش وبيان كيفية صدوره وتسبيبه وما إلى ذلك من إجراءات.
 


موقف الفقه:
 


اختلف رأى الفقه حول هذا الحكم فالبعض يرى أن نص المادة (47) إجراءات جنائية لا يتعارض مع نص المادة (44) من الدستور باعتبار أن الدستور يعرض الحالة العادية أى فيما عدا حالة التلبس التى تدعو بطبيعتها إلى إجراءات خاصة ابتغاء الوصول إلى أدلة الجريمة والمحافظة عليها وهى إجراءات تتسم بالسرعة إذ قد يؤدى التأخير فيها إلى إتلاف أو إخفاء أو العبث بأدلة الجريمة. وفضلاً عما تقدم فإن الدستور فى المادة (41) فقرة أولى أجاز القبض على الشخص وتفتيشه فى حالة التلبس دون احتياج إلى أمر من القاضى أو النيابة العامة. وهو ما يؤيد أن حالة التلبس لا تخضع للأحكام العامة. وإذا كان الدستور قد أجاز إهدار حماية الحرية الشخصية بالقبض والتفتيش فى حالة التلبس فقد أجاز ذلك ضمناً بالنسبة للمسكن لأن الحماية التى يضفيها القانون على المسكن مستمدة من كونه مستودع سر صاحبه فإذا كانت حرية الفرد قد أهدرت بالقبض أو التفتيش لاستتبع هذا انتفاء الحماية التى للمسكن([50]).
 


وكذلك ذهب رأى آخر مؤيد للرأى السابق إلى أنه على الرغم من تقديرنا للاعتبارات التى صدر عنها قضاء المحكمة الدستورية العليا وهى اعتبارات مردها إلى الحرص على كفالة حرمة المسكن وإحاطة تفتيشه بضمانات التدخل القضائى فإننا نشك فى صواب ما خلصت إليه المحكمة ذلك أن هذا القضاء لم يصدر عن تكييف صحيح لطبيعة عمل مأمور الضبط القضائى فى حالة التلبس بالجريمة إن مأمور الضبط القضائى قد خوله القانون بعض أعمال التحقيق فى حالة التلبس بالجريمة أظهرها القبض والتفتيش.
 


ولما كان من المسلم به أن التحقيق الابتدائى عمل قضائى وكان الأصل أن يختص به قاض فإن مؤدى ذلك أنه إذا كان الشارع قد خول مأمور الضبط القضائى فى حالة التلبس بالجريمة بعض إجراءات التحقيق على سبيل الاستثناء فإن مفهوم ذلك بالضرورة أنه قد خوله اختصاصاً قضائياً إذ العمل الإجرائى لا تتغير طبيعته باختلاف الشخص أو السلطة التى تباشره. وبناء على ذلك فإن مأمور الضبط القضائى إذ يتخذ إجراء القبض على المتهم أو تفتيش مسكنه إنما يباشر فى الحقيقة عملاً قضائياً خول له استثناءً ومن ثم يصدق على تفتيش المسكن الذى يأمر بإجرائه ثم ينفذه أنه تفتيش بأمر قضائى فإذا سبب هذا الأمر باقتضاء حالة التلبس له اعتبر هذا الأمر مسبباً على الوجه الذى يشترطه الدستور([51]).
 


إلا أن الرأى الغالب يذهب إلى اتفاق حكم المحكمة الدستورية مع الدستور ومن ثم كان هذا الحكم فيما انتهى إليه صحيحاً. ذلك أن تخويل مأمور الضبط القضائى سلطة تفتيش مسكن المتهم بناءً على حالة التلبس بالجريمة استناداً إلى مجرد وجود إمارات قوية على أن به أشياء تفيد فى كشف الحقيقة هذا من شأنه أن يجعل الأمر خاضعاً لتقديره على النحو الذى يتعارض مع مراعاة الصالح العام ومقتضيات الكشف عن الجرائم([52]).
 


يضاف إلى ذلك أن نص المادة (44) من الدستور صريح فى ألفاظه ومفهوم فى دلالته كما أنه جاء مطلقاً من كل قيد يتيح مدلوله لاستيعاب حالتى التلبس والجريمة العادية فى أية صورة تكون عليها ولا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص فإن النص العام يعمل به على عموم ما لم يخص بدليل([53]).
 


كما أن الدستور هو الإطار الشرعى لحماية الحقوق والحريات وهو فى ذلك يراعى التوازن بين مصلحة المجتمع فى المحافظة على الأمن والنظام العام ومصلحة الفرد فى حماية حريته الفردية ولذلك عندما يتعارض نص قانونى مع نص فى الدستور فإن الدستور هو الواجب الاتباع لأنه هو الأعلى مرتبة وصالح للتطبيق مباشرة([54]).
 


رأينا فى الموضوع:
 


ونعلق فقط على الرأى المخالف لحكم المحكمة الدستورية العليا القائل بأنه "إذا كان الشارع قد خول مأمور الضبط القضائى فى حالة التلبس بالجريمة بعض إجراءات التحقيق على سبيل الاستثناء (القبض وتفتيش المتهم) فإن مفهوم ذلك بالضرورة أنه قد خوله اختصاصاً قضائياً إذ العمل الإجرائى لا تتغير طبيعته باختلاف الشخص أو السلطة التى تباشره وبناء على ذلك فإن مأمور الضبط القضائى إذ يتخذ إجراء القبض على المتهم أو تفتيش مسكنه إنما يباشر فى الحقيقة عملاً قضائياً خول له استثناءً ومن ثم يصدق على تفتيش المسكن الذى يأمر بإجرائه ثم ينفذه أنه تفتيش بأمر قضائى".
 


هذا الرأى الذى نخالفه قد أخذ الاستثناء الذى سمح به القانون بالقبض وتفتيش شخص المتهم فى حالة التلبس وتفويض مأمور الضبط القضائى فى ذلك وخلص إلى أن ذلك التفويض هو تفويض باختصاص قضائى ينصرف إلى كامل الاختصاصات القضائية ومنها تفتيش مسكن المتهم فى حالة التلبس وبنى على ذلك أن مأمور الضبط القضائى فى هذه الحالة عندما يأمر بتفتيش مسكن المتهم فإن هذا الأمر هو أمر من سلطة قضائية ويكون بذلك قد تم تنفيذ ما اقتضته المادة (44) من الدستور من استلزام صدور الأمر القضائى لتفتيش المساكن.
 


ولكن هنا هذا الاستثناء الذى منح لمأمور الضبط القضائى بالقبض وتفتيش المتهم فى حالة التلبس بناءً على المادة (34) من قانون الإجراءات الجنائية هى حالة استثنائية محددة ولا يجوز تعميمها وذلك لأن القانون عندما يعطى مأمور الضبط القضائى مكنة تنفيذ إجراء من إجراءات التحقيق المخولة أصلاً للنيابة العامة فإنما يكون ذلك استثناءً ولكن الأصل أن تباشر النيابة العامة التحقيق بنفسها ويكون تنفيذ مأمور الضبط القضائى لهذا الاستثناء مقيداً به دون أن يتعداه إلى إجراء آخر من إجراءات التحقيق المحظورة عليه أصلاً إلا بناءً على ندبه لذلك من سلطة التحقيق وحتى عندما يندب مأمور الضبط القضائى من سلطة التحقيق لمباشرة إجراء معين انحصر اختصاصه فى هذا الإجراء ولا اختصاص له فيما لم يندب لإجرائه.
 



وتطبيقاً لذلك قضى بأن "الإذن الصادر من النيابة لأحد مأمورى الضبطية القضائية بتفتيش منزل متهم فى جناية أو جنحة لا يمكن أن ينصرف بحسب نصه والغرض المقصود منه إلى غير ما أذن بتفتيشه. وذلك لما يقتضيه صدور كل إذن من هذا القبيل من نظر خاص فى تقدير الظروف المستلزمة للتفتيش ومبلغ احتمال استفادة التحقيق منه([55])".
 


فالمندوب يجب عليه أن يتقيد بما ندب له فإذا ندب لتفتيش مسكن المتهم فلا يجوز له تفتيش المتهم شخصياً استناداً إلى هذا الإذن ما دام لم يصرح له فى الإذن بذلك([56]). كذلك ليس لمأمور الضبط القضائى الذى ندب لتفتيش متهم معين أن يفتش متهماً آخر ما دام الإذن قد اقتصر على تفتيش المتهم الأول([57]) ولذلك فإننا نخالف هذا النظر ونؤيد حكم المحكمة الدستورية العليا فيما ذهبت إليه فى عدم دستورية المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية.
 


 


المبحث الرابع
 


دخول وتفتيش المسكن بإذن ورضاء الحائز
 


تتميز إجراءات التحقيق – سواء تلك التى تباشرها سلطة التحقيق أم تلك التى يباشرها مأمور الضبط القضائى بناء على حالة الندب للتحقيق – بسمة القهر والإجبار أى أن هذه الإجراءات تباشر دون اعتداد بإرادة الشخص المعنى بها فسيان أن يرضى بها أو لا يرضى.
 


لذلك يمكن القول بأن رضاء شخص ليس من شأنه أن يتيح لمأمور الضبط القضائى – إذا لم تتوافر حالة من الحالات المنشئة لاختصاصه الاستثنائى – مباشرة اختصاصاته الاستثنائية([58]) فإذا كان للشخص أن يرضى بالقبض عليه أو تفتيشه فإن هذا الرضاء ليس من شأنه أن ينشئ لمأمور الضبط القضائى اختصاصاً استثنائياً بالتحقيق وإنما يقتصر أثره على جعل العمل إجراءً مباحاً([59]). ومعنى ذلك أن التفتيش الذى يقوم به مأمور الضبط القضائى أو القبض فى غير الحالات التى يجيز لهم القانون ذلك يجعلهم مختلفين عن القبض والتفتيش القانونى وإن كانوا يتفقون معهم من حيث الأثر فحسب([60]).
 


ويعرف الرضا بأنه اتجاه إرادة صاحب الحق اتجاهاً صحيحاً إلى تخويل شخص سلطة التصرف فيه([61]). ومن أبرز المجالات التى يظهر فيها الرضاء عندما يرضى الشخص بتفتيش مسكنه أو بتفتيش شخصه والرضاء ينزع عن الإجراء وصفه القانونى فلا يعد الإجراء تفتيشاً قانونياً إنما هو مجرد اطلاع عادى([62]) وبالتالى يكون تعبير الرضاء بالتفتيش أخذاً بالاصطلاح الشائع استخدامه. كذلك ينزع الرضاء عن القبض وصفه القانونى ويجعله مجرد اقتياد مادى([63]).
 


موقف الفقه تجاه الرضا بالتفتيش:
 


الرضا بالتفتيش هو "التفتيش الذى يرضى به صاحب الشأن فيسمح بإجرائه طواعية واختياراً ويرضى بنتيجته سلفاً([64]) وقد اختلف الفقهاء فى شأن مشروعيته فذهب البعض إلى أن دخول مأمور الضبط القضائى منزل أحد المواطنين لإجراء تفتيش فى غير الأحوال التى بينها القانون يعد أمراً غير مشروع لا يمكن تلافيه وتصحيحه برضاء صادر عن رب المنزل لأن القواعد المتعلقة بدخول المنازل هى من قواعد النظام العام([65]).
 


وذهب البعض الآخر إلى القول بمشروعية الدخول والتفتيش الحاصل بناء على رضاء الشخص المعنى بالإجراء وذلك لأن كل شخص حر فى التنازل عن الضمانات المقررة لمصلحته التى يعد مثالاً لها الضمانة المتعلقة بحصانة المسكن([66]).
 


ونرى أن حصانة المسكن تهدف إلى حماية الحق فى السر وممارسة هذا الحق ما هو إلا رخصة للفرد له الحرية الطلقة فى استعمالها أو عدم استعمالها ومتى شاء استعملها وسمح للغير بالاطلاع على ما كانت تحميه قواعد حماية الحق فى السر فمعنى ذلك أن محل الاطلاع لم يعد سراً وبالتالى لم يعد هناك مجال للتحدث عن القواعد التى تحمى السر. فضمانات السر إنما وضعت لحمايته من أى إفشاء ضد إرادة صاحبه وما دام صاحبه قد رضى بإفشائه فلا يعد سراً وأصبح السماح بمعرفته ضرباً من ضروب الاطلاع ولم يعد الأمر يتعلق بتفتيش قانونى([67]).
 


شروط صحة الرضاء:
 


استقرت أحكام القضاء المصرى على أن الرضاء بالتفتيش المخالف للقانون يحول دون الدفع ببطلانه([68]) ولكى يكون الرضاء مانعاً من الدفع ببطلان التفتيش لابد من توافر عدة شروط للقول بصحته:
 


أولاً: أن يصدر الرضاء عن إرادة مميزة:
 


فالرضاء هو نوع من القبول ولا يعتد القانون بكل قبول بل لابد من أن يكون هذا القبول صادر عن شخص مميز. فلا يعتد برضاء المجنون لأنه ليس مدركاً لمصلحته ويذهب الفقه إلى أنه يتعين للاعتداد برضاء الشخص أن يكون بالغاً من العمر أربعة عشر سنة وقت صدور القبول منه باعتبار أن هذه السن هى سن الأهلية للشهادة([69]).
 


 


ثانياً : أن يكون الرضاء صريحاً:
 


إن القضاء المصرى اتجه منذ البداية إلى اشتراط أن يكون الرضاء بالتفتيش صريحاً ولم يعتد بالرضاء الضمنى لأنه قد يكون مبعثه الخوف والاستسلام([70]). غير أن مجرد كون الرضاء صريحاً لا يكفى لصحته بل لابد من أن يكون الرضاء حراً([71]).
 


ويعنى ذلك أن من رضى لم يكن خاضعاً لأى تأثير خارجى من شأنه أن يؤثر فى إرادته إلى الحد الذى لا يعتد به القانون. وهذا الإكراه قد يكون مادياً كتكبيل المتهم بالقيود الحديدية مما يدفعه إلى الرضاء حتى تفك قيوده. وقد يكون الإكراه معنوياً كتهديد المتهم باصطحابه إلى قسم الشرطة وحجزه فيه إن لم يرضى. ولا يعتبر من قبيل الإكراه مجرد الخوف الذى تملك المتهم من مفاجأة رجال البوليس له([72]). وكذلك فإن سلطان الوظيفة ذاته بما يسبغه على صاحبه من سلطات واختصاصات لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل بالأذى – مادياً أو معنوياً – إلى المتهم.
 


ثالثاً : أن يصدر الرضاء عن علم بظروف التفتيش:
 


يقصد بذلك علم الشخص المعنى بالإجراءات بعدم قانونية التفتيش وعدم جواز إجرائه وأن من حقه رفض السماح لمأمور الضبط القضائى بالدخول لإجرائه([73]).
 


لذلك نرى أن العلم بظروف التفتيش يلقى على عاتق مأمور الضبط القضائى بالتزام قانونى يتمثل فى تنبيه الشخص المعنى بالإجراء إلى عدم مشروعيته وأن من حقه رفض السماح له بالدخول([74]) فإذا وقف مأمور الضبط القضائى موقفاً سلبياً وامتنع عن تنبيه الشخص المعنى بالإجراء إلى ذلك بطل دخوله ولو اعتقد الشخص المعنى مشروعية هذا الدخول([75]) وعلى قاضى الموضوع أن يبين فى حكمه توافر الشروط السابقة اللازمة للقول بصحة الرضاء([76]). وما دمنا نتطلب العلم بظروف التفتيش – أو الإجراء بصفة عامة – المخالف للقانون فإن هذا العلم ينبغى أن يكون سابقاً على مباشرة الإجراء([77]). وعلى ذلك فإن الرضاء اللاحق على مباشرة الإجراء والصادر من صاحب الشأن ليس من شأنه أن يضفى المشروعية على هذا الإجراء لأنه لا يمكن القول فى هذه الحالة بتحقيق العلم بظروف التفتيش إذ العبرة فى الاعتداد بهذا العلم أن يكون سابقاً على مباشرة الإجراء وليس لاحقاً على مباشرته.
 


وقد أجملت محكمة النقض المصرية الشروط السابقة فى العديد من أحكامها([78]) وبينت هذه الشروط فى حكم حديث لها حيث قضت: "أن القيود الواردة على تفتيش المنازل والحماية التى أحاط بها الشارع تسقط عنها حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها رضاءً حراً لا لبس فيه حاصل منهم قبل الدخول بعد إلمامهم بظروف التفتيش والغرض منه. وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه ويستوى بعد ذلك أن يكون ثابتاً بالكتابة أو تستبين المحكمة ثبوته من وقائع الدعوى وظروفها([79]).
 


ممن يصدر الرضاء ؟؟
 


لا قيمة للرضاء إلا إذا صدر من صاحب الحق فى حرمة المسكن الذى يراد الدخول إليه([80]) وهذا الشخص هو الحائز للمسكن الذى يراد الدخول إليه. لذلك فإن غير الحائز لا يملك إباحة الاطلاع على المكان. لذا قضى ببطلان تفتيش غرفة أحد نزلاء فندق متى أجرى هذا التفتيش بغير الحصول على رضائه ولو كان مدير الفندق قد رضى بتفتيشها([81]).
 


فإذا كان حائز المكان غير موجود فيتعين صدور الرضاء ممن يقوم مقامه فى حيازة المكان لذلك كان رضاء زوجة صاحب المسكن سنداً لصحة هذا التفتيش([82]) وكذلك رضاء الابن المقيم فى المنزل مع والده([83]) ويشترط لصحة الرضاء الصادر عنه بلوغه سن الرابعة عشرة حتى يصبح أهلاً لتحمل الشهادة([84]) وأيضاً لوالد الحائز للمنزل والمقيم فيه أن يرضى بتفتيشه([85]).
 


وصلة القرابة – مجردة – لا تكفى لتوافر الحيازة([86]) وبالتالى للقول بصحة الرضاء ما دامت لا تقترن بالإقامة الفعلية فى المسكن([87]) كذلك لا يعتد برضاء خادم حائز المكان أو الخفير أو العامل فيه لأنهم ليسوا حائزين حيازة فعلية للمكان([88]) بل إن حيازتهم عارضة.
 
أ
 

عن  http://helmylawyers.blogspot.com/search/label/%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA%20%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mahmoudlotfisaleh.yoo7.com
 
ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الثالث
» ماهو مفهوم تفتيش المنازل والمساكن فى ضوء الفقه والقضاء؟ الجزء الاول
» تكلم عن ماهية التظلم الإداري كسبب لإنقطاع الميعاد الميعاد في دعوي الإلغاء؟ الجزء الاول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور محمود لطفى صالح  :: الفئة الأولى :: الاسئلة القانونية واجاباتها-
انتقل الى: